كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ إلَخْ) وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَصْدَ الْكَعْبَةِ إلَخْ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ سِتَّةً كُرْدِيٌّ قَالَ سم أَقُولُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهَا أَرْكَانٌ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ لِلْحَجِّ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ لَا لِلْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ فَتَسْمِيَتُهَا أَرْكَانُ الْحَجِّ عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ وَاجِبَاتُ أَعْمَالِ الْحَجِّ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِرَادَةِ مُطْلَقِ الْوَاجِبِ مِنْ الرُّكْنِ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ بِأَنْ يُقَالَ اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا قَوْلُهُ شَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ أَيْ: قَصْدُ الْبَيْتِ الْمُحَرَّمِ الْمُعَظَّمِ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالنُّسُكِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِهِ بِالْفِعْلِ فَلَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ يَشْمَلُ قَصْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لِلنُّسُكِ وَلَوْ كَانَ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْحَجُّ شَرْعًا هُوَ النُّسُكُ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ فَهُوَ نَفْسُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسُ الْأَعْمَالِ الْمَعْرُوفَةِ فَلَا يَخْلُو هَذَا التَّعْرِيفُ مِنْ مُسَامَحَةٍ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُوَافِقَ لِلْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَكُونُ أَخَصَّ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَكِنَّهَا قَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَجِبُ اشْتِمَالُهُ إلَخْ) دَعْوَى هَذَا الْوُجُوبِ مَمْنُوعَةٌ بَلْ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ شَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَالْمَنْقُولِ إلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْمِيزَانِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ هُنَا سم وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَآلُ الْجَوَابِ الثَّانِي الْآتِي فِي الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّعَسُّفِ، فَإِنَّ الْإِيرَادَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ بِقَوَاعِدِ الْعُلُومِ مِسَاسٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاشْتِمَالَ مُتَحَقِّقٌ هُنَا، فَإِنَّ الْحَجَّ لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدٌ، وَهُوَ النِّيَّةُ، وَزِيَادَةُ الْأَفْعَالِ كَالصَّلَاةِ دُعَاءٌ وَزِيَادَةِ الْأَفْعَالِ سم وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ مِنْ الْأَغْلَبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وع ش وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمْ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمِيزَانِ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُحَشِّي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ هُوَ مَآلُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ أَنَّ مِنْهَا النِّيَّةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَخْ) يَعْنِي فَيَكُونُ إطْلَاقُ الْحَجِّ عَلَى الْأَفْعَالِ مَجَازًا مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ ع ش أَقُولُ وَقَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْجَوَابَ قَوْلُهُمْ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى مَنْ يُعَظَّمُ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَحَجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إلَّا حَجَّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إلَّا وَقَدْ حَجَّ الْبَيْتَ وَبِجَعْلِ أَلْ لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ أَيْ: الَّذِي بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ يَنْدَفِعُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَوْلِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَنْ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ سم.
(قَوْلُهُ: مَا مِنْ نَبِيٍّ) شَمِلَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ صَرَّحَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْإِعْلَامِ بِحُكْمِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: عِيسَى مَعَ بَقَاءِ نُبُوَّتِهِ مَعْدُودٌ فِي أُمَّةِ النَّبِيِّ وَدَاخِلٌ فِي زُمْرَةِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَيٌّ مُؤْمِنًا بِهِ وَمُصَدِّقًا وَكَانَ اجْتِمَاعُهُ بِهِ مَرَّاتٍ فِي غَيْرِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ مِنْ جُمْلَتِهَا بِمَكَّةَ رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ رَأَيْنَا بُرْدًا وَيَدًا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْبُرْدُ الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَالْيَدُ قَالَ قَدْ رَأَيْتُمُوهُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ سَلَّمَ عَلَيَّ» وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كُنْت أَطُوفُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ إذْ رَأَيْته صَافَحَ شَيْئًا وَلَا تَرَاهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك صَافَحْت شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ قَالَ ذَاكَ أَخِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ انْتَظَرْته حَتَّى قَضَى طَوَافَهُ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ» انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ مَنْدُوبًا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَغْرَبَ) أَيْ: قَالَ جَمْعٌ أَنَّهُ غَرِيبٌ بَلْ وَجَبَ عَلَى غَيْرِنَا أَيْضًا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَشَيْخُنَا قَوْلُهُ م ر بَلْ وَجَبَ عَلَى غَيْرِنَا مُعْتَمَدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ إلَخْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَالَ الزِّيَادِيُّ وَالْحَجُّ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ مَاتَ فِي حَجِّهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا. اهـ. عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ، وَهِيَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ إنْ مَاتَ فِي حَجِّهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا مَعَ غُرْمِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْغَرَقُ فِي الْبَحْرِ إذَا كَانَ فِي الْجِهَادِ، فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ إلَخْ)، وَهُوَ مَا يَجِبُ أَوْ يُنْدَبُ مِنْ الدِّمَاءِ الْآتِيَةِ ع ش وَالْأَوْلَى، وَهُوَ الِاسْتِطَاعَةُ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْخِلَافِ وَالْأَقْوَالِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي السَّادِسَةِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ ع ش يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَكَّةَ إنَّمَا فُتِحَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْفَرْضِيَّةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَتُهُ هَذِهِ حَجًّا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إلَخْ) أَقُولُ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ حَجَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَجًّا شَرْعِيًّا، وَهُوَ مُشْكِلٌ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ فَرْضِهِ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ حَجّ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَأَمَّا فِعْلُهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِوَحْيٍ بَلْ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْمَعْنَى لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْعٍ إذْ ذَاكَ وَلَكِنَّهُ كَانَ مَصُونًا كَسَائِرِ أَفْعَالِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الْبَاطِلَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا إلَخْ) أَيْ: النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ مِنْ النَّسِيءِ أَيْ: تَأْخِيرِ حُرْمَةِ الشَّهْرِ إلَى آخَرَ كَانُوا إذَا جَاءَ شَهْرٌ حَرَامٌ وَهُمْ يُحَارِبُونَ فِيهِ أَحَلُّوهُ وَحَرَّمُوا مَكَانَهُ شَهْرًا آخَرَ حَتَّى رَفَضُوا خُصُوصَ الْأَشْهُرِ وَاعْتَبَرُوا مُجَرَّدَ الْعَدَدِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ إلَخْ) وَالْأَوْلَى بَلْ عَلَى مَا كَانُوا إلَخْ.
(قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ فِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ حَجُّ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّاسِعَةِ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَجْلِ النَّسِيءِ وَكَانَ بِتَقْرِيرٍ مِنْ الشَّرْعِ ثُمَّ نُسِخَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ إلَخْ انْتَهَى مَا فِي الْخَادِمِ وَنَقَلَهُ الْفَاضِلُ عَمِيرَةُ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ صَحَّ أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ مَعَ بَيَانِ الْمُعْتَبَرَاتِ فِيهِ رُكْنًا وَشَرْطًا وَغَيْرَهُمَا قَبْلَ الثَّامِنَةِ فَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ سَاقِطٌ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا فَكَوْنُ الْوَجْهِ خِلَافُهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي مُوَافَقَةِ مَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِخِلَافِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَافِقُهُمْ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ وَتَوَابِعِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ فِيهِ بِشَيْءٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (هُوَ فَرْضٌ):
(فَائِدَةٌ):
النُّسُكُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ عَلَى مَنْ لَمْ يَحُجَّ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَإِمَّا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَإِمَّا تَطَوُّعٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكِنْ لَوْ تَطَوَّعَ مِنْهُمْ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قِيَاسًا عَلَى الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ مَالَ إلَى اعْتِبَارِ التَّكْلِيفِ وَعَدَمِ السُّقُوطِ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ تَرْجِيحُ الشَّارِحِ السُّقُوطَ بِذَلِكَ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ أَيْ وَالْمَجَانِينِ عَلَى مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ م ر اعْتِبَارُ التَّكْلِيفِ مُعْتَمَدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: زِيَارَةُ مَكَان عَامِرٍ إلَخْ) وَسُمِّيَتْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمْرِ كُلِّهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ كَوْنُ الْعُمْرَةِ فَرْضَ عَيْنٍ الَّذِي هُوَ الْمَطْلُوبُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ) إلَى قَوْلِهِ وَمَتَى أَخَّرَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَصْدٌ إلَى فَلَا يُشْكِلُ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةٍ إلَى أَوْ بِكَوْنِهِمَا.
(قَوْلُهُ وَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ لَا وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك» فَضَعِيفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَا يَغْتَرُّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ إنَّهُ بَاطِلٌ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى السَّائِلِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ قَالَ وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَعْتَمِرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهَا مَوَاقِيتَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ نَظَرَ إلَى الْحَقِيقَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ فَكُلُّ مُعْتَبَرٍ فِي الْعُمْرَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَجِّ، وَإِنْ نَظَرَ إلَى الْعَوَارِضِ الْخَارِجِيَّةِ كَالْمَوَاقِيتِ فَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ مُخْتَلِفَانِ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّ لِكُلٍّ مُوجِبَاتٍ تَخُصُّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَا قَصَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ، وَإِنَّمَا حُطَّ عَنْهُ إلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبَانِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ إلَخْ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَحَجُّنَا هَذَا لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ قَالَ بَلْ لِلْأَبَدِ» مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَصَحَّ: «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ بَلْ لِلْأَبَدِ». اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُمَا عَلَى التَّرَاخِي إلَخْ) أَيْ عِنْدَنَا وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ فَعَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ لِأَبِي حَنِيفَةَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ صَاحِبَاهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى التَّرَاخِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفَوْرِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعَزْمِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ فِي أَوَّلِ سِنِي الْيَسَارِ ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ) أَيْ: فِي الْمُسْتَقْبَلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفَ عَضْبٍ) أَيْ: بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ أَوْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ مَنْسَكُ الْوَنَائِيِّ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ صَالِحٌ الرَّئِيسُ الْمَكِّيُّ وَالْبُجَيْرَمِيُّ وَلَابُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ) أَيْ: وَمَعَ خَوْفِ الْعَضْبِ وَتَلَفِ الْمَالِ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَمَكُّنُهُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ وَقْتِ الْفِسْقِ أَوَّلُ الزَّمَنِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ الَّذِي يُدْرِكُ بِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ يَتَبَيَّنُ فِسْقُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ مَعَهُمْ فِيهِ انْتَهَى. اهـ. سم وَفِيهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْإِثْمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ لَا بِهِ فَالظَّاهِرُ مَا فِي الْوَنَائِيِّ مِمَّا نَصُّهُ أَيْ: مِنْ وَقْتٍ لَوْ ذَهَبَ فِيهِ لِلْحَجِّ لَمْ يُدْرِكْهُ. اهـ.